Resultats de recherche

mercredi 18 août 2010

الشيخ العلامة المؤرخ سالم بن محمد بن يعقوب

  بقلم الشيخ: مهنا بن راشد بن حمد السعدي 
     هو الشيخ العلامة المؤرخ سالم بن محمد بن يعقوب من جزيرة جربة بتونس ، و( بن يعقوب ) قبيلته ،وهي قبيلة معروفه بجربة ، ولد بحومة غيزن بجربة في سنة 1321هـ / 1903م ، بدأ حياته بممارسة التجارة في مدينة بنزرت ، وبقي أميا إلى سن التاسعة عشرة ، وكان يرغب في طلب العلم ويشتاق لذلك ، فتدارك أمر نفسه بسرعة فالتحق بدروس الشيخ عمر بن مرزوق - من كبار المصلحين بجربة آنذاك - بجامع " البَاسِّي " بحومة والَغْ بجربة في سنة 1923م ، وأخذ مبادئ العلوم على يديه ، ثم رحل إلى تونس ميمما شرط جامع الزيتونة العريق ، وأقام في مدرسة الإباضية بالهنتاتي بسوق اللفة ، فكان يتنقل بين حلق العلم بجامع الزيتونة منتقيا ما يطيب له منها ، وذلك أنه لم يكن مسجلا في دفاتر الجامع ، وكان الشيخ محمد الزغوني والشيخ الماجري من أبرز أساتذته بجامع الزيتونه ، وقد كان كذلك يتلقى دروسا خاصة على شيخ الإباضية بتونس العلامة محمد بن صالح الثميني ، الذي كان مشرفا على الإباضية الجزائرية بتونس ، ويمتلك مكتبة الاستقامة القريبة من جامع الزيتونة ، وقد كانت دروس الشيخ الثميني ليلية محورها كتاب " جامع أركان الإسلام " للخروصي العماني ، وكتاب " شرح النيل " لقطب الأئمة محمد اطفيش .
     ظل في تونس لمدة خمس سنوات ( 1929- 1934م ) ، ثم انتقل إلى جامع عريق آخر بالمشرق العربي وهو جامع الأزهر بمصر ، ناهجا فيه نفس نهجه في جامع الزيتونة ، وبقي في أحضانه لمدة خمس سنوات ( 1934- 1939م ) ، وقد أشار إلى أمر دراسته بالزيتونة والأزهر بنفسه في مقدمة كتابه " تاريخ جزيرة جربة " حيث قال : " وإني في هذا البحث – يقصد كتابه تاريخ جزيرة جربة – أدرس بعض جوانب هذا التاريخ بجزيرة جربة ، هذا التاريخ الذي جمعته من أوراق متفرقة ورسائل مبعثرة في خزائن الكتب القديمة بجربة وتونس والقاهرة  أثناء بحثي الموسع عن التراث الإباضي أيام دراستي بجامع الزيتونة ( 1929- 1934م ) وبالجامع الأزهر ( 1934- 1939م ) " إهـ .
     وقد ذهب أصحاب معجم أعلام الإباضية إلى أنه ظل في الزيتونة لمدة ثلاث سنوات ( 1929- 1933م ) ، وظل في الأزهر لمدة خمس سنوات ( 1933- 1938م ) ، وذهب الشيخ د. فرحات الجعبيري إلى أنه ظل في تونس لمدة خمس سنوات ( 1346- 1351هـ / 1927- 1933م ) وفي مصر أيضا لمدة خمس سنوات ( 1351- 1357هـ / 1934- 1938 ) ، والحقيقة أن هذه التواريخ التي ذكرها كل من أصحاب المعجم والشيخ الجعبيري غير دقيقة وفيها تناقض ، والذي يظهر أن الأصح ما ذكره الشيخ سالم بن يعقوب بنفسه عن مدة مكوثه في الزيتونة والأزهر ، والمرء أدرى من غيره بتاريخه .
     وقد كان في فترة دراسته بالأزهر ينهل من معين علماء الأزهر ، وكذلك كان يتردد على الشيخ العلامة أبي إسحاق إبراهيم اطفيش طلبا للعلم ، حيث أن الثاني كان موجودا بمصر .
     وقد كان الشيخ سالم يسكن وكالة الجاموس بطولون من مصر ، ويقضي معظم وقته في الاستنساخ ، فنسخ من مخطوطات مكتبة الإباضية بوكالة الجاموس نصيبا وافرا ، كما نسخ عدة نصوص من المكتبة الوطنية بالقاهرة ، فجمع بعد ذلك مكتبة ثرية بمقر سكناه بحومة غيزن بجربة قل لها مثيل ، وقد أشار إلى اشتغاله بالنسخ وجمع التراث بنفسه في النص الذي ذكرناه عنه أعلاه .
     وعندما عاد إلى وطنه جزيرة جربه اشتغل في الفلاحة ، وعكف على التدريس والوعظ والإرشاد بعدَّة مساجد منها : جامع الشيخ بحومة السوق ، وجامع الملاق بوالغ ، وجامع بني داود بصدغيان ، وجامع تلاكين بغيزن ، وقد كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر حتى أنه هدد عدة مرات بالقتل من أصحاب المنكر .
     وكان كذلك محققا في التاريخ ، وبخاصة في سير الإباضية ، فاتخذه الباحثون قبلة ينهلون من علمه ويستفيدون منه ، ومن أبرز تلاميذه : الشيخ د. فرحات الجعبيري ، وقاسم قوجة ، والصادق بن مرزوق ، ويوسف الباروني .
     ويعد الشيخ سالم آخر عضو من أعضاء حلقة العزابة بجربة ، فهو " بقية السلف الصالح " كما وصفه تلميذه الشيخ فرحات الجعبيري ، ويذكر الشيخ الجعبيري أنه أخذ عن الشيخ سالم كل ما يتعلق بالإباضية ، ووصفه بقوله : " ... وما رأيت من أهل العصر من هو أكثر منه إلماما بخفايا تاريخ الإباضية " إهـ .
     وللشيخ سالم العديد من الأعمال والمؤلفات منها : " تاريخ جزيرة جربة " يقع في ثلاثة أجزاء ، وقد طبع الجزء الأول ، والثاني تحت الطبع ، والثالث لا يزال مخطوطا ، ومن أعماله تحقيقه لكتاب " بدء الإسلام وشرائع الدين " لابن سلام ، وقد اشترك معه في ذلك المستشرق الألماني شفارتز ، وقد تم طباعته ، وطبع طباعة أخرى غير شرعية تحت عنوان محرف وهو : " الإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية " ، ومن أعماله " دروس عن تاريخ جربة " ألقيت في سنة 1384هـ / 1964م ولا يزال مخطوطا ، ومن أعماله " تقييدات عن نشأة الإباضية " ، و" تقيدات عن تراجم بعض علماء الإباضية " ، و" تقييدات عن المدارس العلمية بجربة " وهذه الأعمال الثلاثة لا تزال مخطوطة ، وله أعمال أخرى .
     وقد ذكر أصحاب المعجم أنه توفي في سنة 1408هـ / 1988م ، وذكر محمد قوجة - محقق كتاب " علماء جربة للشيخ سليمان بن أحمد الحيلاتي " - أنه توفي في ليلة الأحد 27 من يناير 1991م ،  والظاهر أن ما ذكره الباحث محمد قوجه هو الأرجح حيث أنه من جزيرة جربه ، ومعروف عنه الدقة في البحث ، وكذلك والده مقرب جدا من الشيخ سالم كما حدثنا شيخنا أحمد مصلح ، وقد كان عمره عند وفاته 88 عاما تقريبا والله أعلم .

Aucun commentaire: